في الصحافة

حمامي : الصورة أشبه بخزان جمالي يجمع تناقضات الحياة .. فن التصوير الفوتوغرافي بحاجة للاهتمام والدعم

يتسم بوضوح الفكر والمتابعة الحذقة والخبرة المتنامية، الموهبة والشغف لتوثيق جماليات سورية كانا الدافع الوحيد لاحتراف فن التصوير الفوتوغرافي. يؤمن بأن الصورة أشبه بخزان جمالي تجتمع فيه جميع تناقضات الحياة، يعيش في فضاء التفكير البصري، الكاميرا بالنسبة له الصاحب والخليل في السفر والترحال ، ولكي نجول في عالم الفن الفوتوغرافي كان للجماهير هذا اللقاء مع المصور علاء الدين حمامي .
بداية لكل نهج دافع ما الذي دفعك لدخول عالم الصورة أو بمعنى أدق عالم التفكير البصري ؟

في البداية لم يكن لدي دافع.. كان التصوير مجرد هواية وبحكم عملي في المكتب الإعلامي أتاح لي أن أزور عدة مناطق أثرية، والتقط لها بعضا من الصور لتوثيقها، وخلال جولاتي المتكررة لعدة مناطق شاهدت أن في سورية مناطق جميلة جداً لم يسلط عليها الضوء كمناطق في ( حلب- والجولان – والقنيطرة – وتدمر -ومشقيتا ) وغيرها، فقلت في نفسي لم لاأسلط الضوء عليها وأوثقها كي تكون بمثابة صور توثيقية تعريفية بتلك الأماكن الجميلة. من هنا ولد لدي الدافع والرغبة والشغف لتوثيق جماليات أمكنة ومناطق للأسف الكثير من الناس لا يعرف بأنها موجودة في بلدهم، وبالفعل بدأت منذ عام ٢٠١٨ بالتقاط بعض الصور لأماكن في مدينة حلب ثم بعد ذلك انتقلت لباقي المحافظات ،حتى أني وصلت إلى نهر اليرموك ووثقت الجمال الطبيعي لتلك المنطقة، كما أني ذهبت في رحلة مع الجمعية السورية للاستكشاف والتوثيق والتقطت العديد من الصور لمناطق أثرية رائعة الجمال في الجنوب السوري ،وعلى مدى عام كامل استطعت أن أوثق بالصور عدداً لابأس به من الأمكنة الأثرية والمناطق الطبيعية في أكثر من ١٦ محافظة في سورية .
– كان شغفك لتوثيق المكان والزمان هو الدافع لتتجه لاحتراف فن التصوير الفوتوغرافي برأيك من الذي يصنع المصور المحترف ؟!.
من يصنع المصور المحترف قولا واحداً هي الموهبة فإن لم تكن لدى الإنسان الموهبة لن يثمر العمل أياً كان نوعه (فنياً أو أدبياً أو علمياً )ثم يأتي بعد ذلك وسائل الإعلام التي يجب ألايستهان بها وخاصة في وقتنا الحاضر فهي قادرة على أن تبرز الإنسان وتجعله مشهوراً وفي الوقت عينه تقصيه نهائياً وكأن لاوجود له .


الصورة اليوم أصبحت لغة لاتحتاج لمترجم، كل منا يترجمها بلغته الخاصة، يرى الحدث من زاويته وفكره الخاص.
– عندما تلتقط الصورة عم تبحث؟!.
عند التقاطي الصورة أبحث عن كل ماهو جديد أريد أن أخبر الناس بشيء جديد، أسعى كي أجعل المشاهد يتساءل أين هذه المنطقة ؟ وهل هي بالفعل موجودة في سورية ؟ وأحاول أن أبتعد قدر الإمكان عن التكرار، أبحث دائما عن الصورة غير المطروقة بمعنى أنه لم يسبقني أي شخص لالتقاطها ، هناك العديد من المصورين يلتقطون صورة للمكان ولكنهم لايضيفون أي شيء جديد، عندما يفعل ذلك المصور فإنه يدفن موهبته في مصيدة التقليد، فالكاميرا مجرد أداة إن لم يحسن المصور استخدامها لتحقيق الهدف الذي يرسمه في مخيلته تظل أداة فالهدف ليس أنني أستطيع التقاط الصور، ولكن الهدف أن أقدم للمشاهد ماهو جديد، أن أحدثه بلغة جديدة ، قد التقط صورة مشابهة لصور آخرين ولكن من زاوية أخرى تقول كلاماً آخر توحي بأفكار وتعابير مختلفة تماماً، وهنا يكمن الإبداع والتميز .
– قلت لي إنك زرت أماكن لاتعد ولاتحصى من سورية والتقطت لهذه الأماكن العديد من الصور حدثني عن الشعور الذي يعتريك وأنت توثق المكان والزمان ؟ وماهي أكثر صورة تأثرت بها على المستوى الشخصي ؟!.
عند التقاطي الصور ينتابني شعور من الغبطة والسعادة التي لاحدود لها وخاصة عندما أتأكد بأن هذا المكان لم يسبقني لتصويره أحد ،وأني أول من عرّف الناس بأن هذا المكان موجود في بلدي سورية، وأكثر صورة كان لها أثر مايزال يحز في نفسي، هي صورة لقوس النصر في مدينة تدمر فبعد الدمار الذي شهدته المدينة ،القوس تدمر وبقيت الحجارة السبعة مرصوفة في مكانها ،وبما أن القوس تدمر فالذي يلتقط له صورة الآن في وقتنا الحاضر يمكن أن يرى القلعة بوضوح وراء القوس ،وهذه القلعة لم تكن ظاهرة في أي من الصور القديمة لقوس النصر وعندما أرى هذا المشهد يؤلمني ويتعبني الدمار الذي حصل لسورية، أحس بأن أنفاسي تحترق من هذا المشهد وأتأسف من كل أعماق قلبي إلى ماوصلت إليه سورية .
– من المؤكد أنك التقطت العديد من المشاهد والصور لمدينة حلب في السلم والحرب، كيف لك أن تعرف أن هذه اللقطة مناسبة لتكون موضوعا” للتوثيق؟
أقول لك: أولا العين تلعب دوراً بالغ الأهمية في الاختيار إن كان هذا المشهد مناسبا أم لا ، بالإضافة إلى أن على المصور أن يراعي عدداً من المعايير كدراسة ( المكان- والظل- والإضاءة- والتوقيت المناسب) وغيرها من معايير الفن الفوتوغرافي، ثم يأتي بعد ذلك الإحساس الذي يتملك المصور عند دخول منطقة معينة عليه أن يسأل نفسه قبل التقاط الصورة ماذا يريد أن يظهر من هذا المكان؟ ( الحزن – الألم- التعب -الفرح -الجمال ) وهنا تتدخل موهبة وحرفية المصور، والجميع يعرف ما لحق مدينة حلب من دمار فعندما التقط صور الدمار أحاول دائما أن أظهر الجمال من الدمار، كالرسام الذي يرسم الجمال الحزين، فالفكرة من الصورة إظهار ملامح معينة فإن لم يستطع المصور إظهار هذه الملامح تفشل الصورة وبالفعل حققت هذا الموضوع في أغلب الصور التي التقطتها عن حلب وأماكن أخرى من سورية استطعت أن أظهر ملامح الجمال على الرغم من الدمار والفوضى العبثية .
– كمصور يؤمن بأن الصورة أشبه بخزان يجمع تناقضات الحياة ماهي الأماكن التي تحقق فيها المتعة من التصوير ؟ وماهو مستقبل الفن الفوتوغرافي في سورية من وجهة نظرك ؟ حقيقة ربما تجدين إجابتي غريبة بعض الشيء ، أجد المتعة في التصوير عند ارتياد المناطق الخطرة، عندما التقط الصورة من ارتفاع شاهق، هنا فقط أشعر بتحدٍ لايوصف بأني انتصرت على كل مخاوفي ، نعم إني أجد المتعة في الخطر فكلما زاد الخطر زادت المتعة، حتى أني في إحدى رحلاتي ذهبت إلى منطقة اسمها السماحيقية أردت أن ألتقط صورة لمنظر طبيعي موجود بين جبلين بتقنية الziplin فتعلقت بحبل والتقطت الصورة وأنا معلق في الهواء أتنقل بين الجبلين وكانت تجربة جداً ممتعة ومثيرة .
عموما” عملي في التصوير الفوتوغرافي جاء عن اجتهاد شخصي وعلى نفقتي الخاصة، لم يدعمني أحد وأصبحت الآن مترددا” في أن أجهز لمعرض آخر بعد معرضي الفردي الأخير لأن الأمر أصبح مكلفاً جداً .
– أخبرتني بأنك تطمح إلى أن تصل إلى العالمية وتشارك في معارض التصوير الفوتوغرافي على مستوى العالم، فهل بدأت بخطوة تقرب منك العالمية ؟ وماهو الشيء الذي تضيفه المشاركة سواء في المعارض المحلية أو العالمية ؟


نعم لقد بدأت بخطوة مهمة جداً تقربني من العالمية، وذلك من خلال نشر الصور التي ألتقطها في عدد من المواقع العالمية في عالم الإنترنت. ومن خلال تجربتي الخاصة وبعد أن شاركت مع عدد من الفنانين في معرضين وآخر فردي لي ، وجدت أنها تضيف الكثير، تمكن الفنان من التعرف إلى فنانين عظماء كما تمكنه الالتقاء بالمختصين الذين يبدون رأيهم الفني أو النقدي المختص الذي يجعل الفنان يطور عمله وأسلوبه وقدراته في المستقبل، إضافة إلى أن المشاركة تمنح الفنان الفرصة لأن يرى نتاجات غيره ويطلع على أساليب جديدة وتقنيات مبتكرة .
– وبعد هذا الحوار كلمة أخيرة تكون ختام هذا الحوار .
أختم هذا اللقاء وأنا كلي أمل ورجاء بأن يكون للتصوير الفوتوغرافي دور أكبر في المستقبل مما هو عليه الآن وأن يحظى باهتمام ودعم أكبر من الجهات المعنية، فالتصوير الفوتوغرافي أو الضوئي فن يستحق أن نكرس له بعض أو قليل من الاهتمام على غرار الدول الأخرى ، لأنه يساعد الناس على أن يروا الواقع وينقلوا تفاصيله بلغة الصورة التي يفهمها الجميع .

الجماهير / اسماء الخيرو

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى